استراحة محارب !


عمانيات - كتب مدير مديرية الأمن الوقائي السابق العميد المتقاعد زهدي جانبك:

دخل مكتبي وعلى وجهه تلك الابتسامة الدائمة... تشعرك ببراءة روحه وصفائها ونقائها... وعلى استحياء قدم لي تقريراً حول ما تم إنجازه بموضوع وقف سرقة السيارات على مستوى المملكة...وقد تعرض أثناء عمله بهذه القضية إلى إطلاق نار كاد ان يودي بحياته (وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها إلى إطلاق النار عليه).

وكان ذلك إنجازا رائعا يستحق أن افرد له ادراجاً خاصاً... وبعد أن سلمني التقرير طلب مني اجازة قصيرة ليتمكن من مراجعة المستشفى... كان يمكن أن يدخل المستشفى دون ابلاغي ويأخذ حقه بالاجازات المرضية... إلا أنه آثر ان يكون دخوله المستشفى من رصيد اجازاته السنوية... المهم : أبلغته بموافقتي وتمنيت له السلامة والشفاء...

خرجت من مكتبي وأثناء توجهي إلى موقع حدث أمني خطير تقرر تشكيل لجنة تحقيق مشتركة... ولأهمية الموضوع وخطورته... سارعت إلى الاتصال به (ناسيا انه غادر باتجاه المستشفى)... أبلغته بسرعة التحرك للالتحاق بمهمته الجديدة، مندوبا عن الأمن الوقائي... وبدلاً من أن يذكرني بحاجته الصحية... اجابني: امرك سيدي... واستمر بدوام متواصل بمهمته الجديدة إلى أن تمكن من حل قضية أمنية خطيرة والقبض على الجاني خلال اقل من اسبوع... ولم اتذكر طلبه الا عندما راجعني وعلى وجهه نفس الابتسامة لابلاغي نتيجة عمله... تأسفت له...

وبعد أن عاد من إجازته... جاءتني نفس ابتسامته... هذه المرة طلب مني الموافقة على صرف مبلغ بسيط لاحد مصادره ليتم ابعاده إلى سوريا لكون هذا المصدر يملك معلومات امنية خطيرة حول احتمال خرق أمني على حدودنا الشمالية... وافقت على الخطة التي وضعها... وطلبت منه احاطتها بسرية مطلقة... وان يختار من يساعده بالتنفيذ... وتم كل ذلك بخلال ثلاثة أسابيع... وفي ظروف غايةً في الخطورة على الحدود الشمالية تمكن من اكتشاف خرق أمني خطير... والقي القبض على سبعة من المتورطين فيه... بالإضافة إلى اثنين ممن قاما بتسهيل عبورهم... وتم تسليم الجميع إلى الجهات المختصه لينالو عقابهم...

هذه أمثلة مما علق بذاكرتي من إنجازات هذا الفارس الذي اختار اليوم الإحالة إلى التقاعد بناءً على طلبه وهو في عز شبابه... وبافضل حالات عطائه وهو برتبة مقدم...

تمنيت أن أرى هذه العقلية الامنية الفذة... وهذه القدرة على العطاء المنقطعة النظير وهي تقود الجهاز الأمني يوما ما...وتمنيت لو ان الوقت اسعفني لاقول له شكرا كما يجب لقاء خدماته للوطن... اليوم اتمنى له التوفيق أينما حل وارتحل...




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :