فُرن " نعمان " بقلم : طلعت شناعة.



كنتُ في صغري " المُرافق الخاص " للمرحومة والدتي..
أذهب معها إلى المخبز او الفرن " البلدي " وكان اسمه " فرن نعمان " او اسم قريب منه...
أحيانا أساعدها بوضع " المِدوَرة " وهي قطعة من القماش ملفوفة على شكل كعكة كبيرة تحمي رأس أمّي من ثقل " فَرش العجين ".. وكنت اجلس معها ب الفرن استمع لاحاديث النساء ممن كُنّ ياتين بعجينهنّ ويتحول على ايدي " الفرّان نعمان " الى خبز شهيّ .. اقضم منه بمجرد خروجه من " بيت النّار ".
وكان الفرن بمثابة " اول وكالة أنباء " اتعرّف عليها في حياتي.
كانت النساء تضع حملها من العجين وأحيانا الكعك والمعمول في مناسبات العيد ، وتبدأ كل واحدة تحكي قصصا ، أحيانا عن ظُلم الزوج او متاعب الخِلفِة والأبناء..وكانت " الأخبار " قابلة للتعليقات من باقي الحاضرات وبالتأكيد من الفرّان " نعمان " الذي كنتُ ألمحُ في عينيه " نظرات " غير بريئة وتارة " كريهة " وهو " الذّكَر " الوحيد في المكان الضيّق والذي بالكاد يتّسع لعشر نساء كلهن أمهات.. ونادرا ما تجد " صبايا " يانعات.. والأهالي يخشون عليهن من " نظرات نعمان الكريهة " .
واظن ان " نعمان " كان لا يرتاح لوجودي.. ويرمقني بنظرات توحي لي انه " يكرهني ".. فكنتُ رغم سنوات عمري القليلة ، بحدود العشر سنوات ، أراقب " الفرّان " وهو يسكب " كمية الطحين " في ثقب " مخصوص " أمامه وهي اجرة " الخبيز ".. وكان ثمة " برميل صغير " في الأسفل يستقبل كميات الطحين ومن ثمّ كان " نعمان " يبيعها للمحلات والدكاكين
يعني " إعادة تدوير ".
كنتُ لا ارتاح لهذا الرّجل ، خاصة حين يؤلّب الزوجات على أزواجهن.. اي يتدخل فيما لا يعنيه.. مستغلاّ ضعف النساء ورغبتهن ب " التنفيس " عن متاعبهن.
كنتُ اساعد المرحومة والدتي بقدر ما استطيع وكانت تثق بي وتعتبرني بمثابة " بودي جارد " صغير ..
وأحيانا يسعدها ردّي " القاسي " على " الفرّان نعمان " حين " يُطلِق تعليقات سمجة وزنخة " و الذي كان بعض الناس يشكّون في أخلاقه وسلوكه ومنهم من كان يراه " جاسوس" اجتماعي.. ينقل الكلام من شخص لآخر.. ويخرّب بيوت.
يخرب بيته..!!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :