على الهامش بقلم: د. ميرفت سرحان


سلسلة في آخر الأسبوع خاطرة
على الهامش

اذا ما خطر ببالك مرة وراقبت المجموعات في أماكنها المختلفة (أسرة، أو عائلة، أو مجموعة عمل، أو صف دراسي، أو شلة أصدقاء أو فريق لعب أو غيرها ..) تجد أنه بالإضافة إلى الاختلاف في الأشكال الخارجية للأعضاء (وبعيدًا عن الدور الاجتماعي لكل منهم) فإن هنالك تفاوتًا بين الأفراد في الطباع والخصائص أدى لتصنيف أفراد المجموعة بحيث يكون لكل شخص منهم مكانة معينة تخول صاحبها للقيام بمهام خاصة به .. لذلك فأنت تجد في المجموعة من يمثل حضوره دور القائد فهو يملي الأوامر على الآخرين ويتحكم بزمام مجريات الأحداث، وبالطبع على الجميع السمع والطاعة .. ومنهم من تمرس الشكوى والتذمر، فيسعى الجميع لإرضائه حتى لا تنتقل لهم العدوى أو أن يعكر صفو مزاجهم .. وآخر حجز لنفسه دور الناقد اللاذع والذي يصبح أحيانًا جارحًا وسليط اللسان، فيحاول الجميع تجنب التعامل معه حتى لا يتعرضون للأذى منه .. وهناك المهرج الذي يحاول الاستهزاء بالموضوع أو الأشخاص إما للفت الانتباه له أو لإخفاء نقص ما يعاني منه، فيفضل الآخرون عدم الخوض معه في أي حديث ما استطاعوا .. ومنهم من يمثل السند لغيره فإذا ما مرَّ أحد أفراد المجموعة بمشكلة أو مصيبة يكون أول من يخطر بالبال ليقدم لغيره العون والمساعدة .. واذا ما أمعنت نظرك مرة أخرى ودققت في تصنيف الأفراد داخل المجموعات لابد لك أن ترى ذلك الشخص الذي يعيش فيها على الهامش .. غير مرئي الوجه ولا مسموع الصوت.. غيابه وحضوره سواء .. لا يكترث لوجوده أحد .. فلا يواسى في ألم ولا يهنأ في فرح ولا يدعى لتجمع ولا ولا .. وربما لتدني قيمته ومكانته داخل هذه المجموعة فقد يتحول لخادم لها، يسهر على راحتها، وييسير أمور أفرادها، ثم يحاسب على ضعف أدائه أو تقصيره وحتى على نسيانه .. وأما والسؤال عن حاله أو عن راحته فهو كالسير نحو السراب..
فإذا ما قدر لك أو إذا ما أجبرت يومًا أن تعيش على هامش إحدى الصفحات (والهامش هو ذلك الجزء الخالي من الكتابة حول النص في الصفحة) .. فابذل كل ما أوتيت من جهد أن لا تكون هذه صفحتك الوحيدة .. ولتفتح أنت لنفسك صفحة جديدة تكون فيها جزءا مهمًا من أساسيات النص .. وصفحتك الجديدة هي أن تختار لنفسك بعناية مجموعة أخرى، تشعر فيها بالإنتماء المتبادل مع أعضائها .. يهتم لغيابك أفرادها ويؤثر حضورك في تحقيق أهدافها .. ولست مضطرًا فيها للتهريج والتنطيط والإساءة لغيرك والاستهزاء حتى يراك أو يشعر بوجودك الآخرين .. فأنت بالنسبة لهم، عضوًا مهمًا ومؤثرًا .. ثم ابذل جهدًا إضافيًا وابحث لنفسك فيها عن مكان يمكنك من أن تكون منتجًا .. ودرب نفسك على تقديم المساعدة لمن يحتاجها وعلى العطاء ولو باليسير أو القليل .. كل ذلك وأكثر يجعل لوجودك معنى، ولحياتك طعمًا مختلفًا. وتذكر دائمًا إياك والهامش ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :