الكلمة الطيبة بقلم: د. ميرفت سرحان


سلسلة في أخر الأسبوع خاطرة
الكلمة الطيبة

هل صدف لك أن علمت بأن طفل صغير يرغب في أن يشتري غرضًا ما .. (لعبة، حذاء، جهاز معين ..) .. وأردت أن تفاجئه وتحضر له هذا الغرض .. وفعلت .. إذا ما حصل معك ذلك الأمر .. فهل شاهدت بريق عينيه عندما رآك تحملها إليه .. وهل سمعت لحن موسيقى أنفاسه وأنت تقترب منه .. هل رأيت قدميه وهما تكادان تطيران عن الأرض يسابقان الزمن حتى تصلا إليك .. وهل شعرت بيديه تتمايلان راقصة لتلتقط منك الهدية .. ثم هل أحسست بدقات قلبه تضرب باب صدره لضم الهدية بحنوٍ يشبه ضمة الأم لطفلها الوليد .. ثم تخيل معي كيف يمضي سائر يومه ..
هل صدف لك وأن شاهدت لوحة فنية ترسم صدق المشاعر .. كما فعل هذا الصغير عندما تناول هديته؟! .. ومع ذلك فهل تعلم أن البعض يتخذ من هذه المشاعر مثالًا للسخرية والاستهزاء بالآخرين، فيقول لك: (زي الولد الصغير الي فرحان بهدية جابله اياها أبوه .. مش محرزة يا زلمة كلها لعبة ..).
تأثير الهدية على الطفل الصغير يشبه إلى حد كبير تأثير الكلمة الطيبة على مشاعر وأحاسيس متلقيها .. حيث لها في النفوس سحر يشبه سحر بريق عيني ذلك الولد .. وأثرها على الشخص يمتد ربما لأيام وليس يومًا .. ومع ذلك تجد أن البعض يقلل من شأن هذه الكلمة الطيبة .. وذلك لأنه يعتقد أنه لا لزوم لها في كثير من المواقف (مش محرزة) على اعتبار أن كل منا يقوم بواجبه ويؤدي التزاماته .. وأنه لم يصنع شيئًا خارقًا للعادة أو معاكسًا للظروف .. وبالتالي فإنه عندما يؤدي واجبه عليه أن لا ينتظر المقابل .. بالإضافة لأنه لا بد يعلم بأنه مشكور ضمنيًا بحكم العادة على ما يقوم به .. فلا حاجة للكلام والشكر الصريح (مش محرزة ..).
وللكلمة الطيبة أشكال وألوان متعددة ومتنوعة .. فأن تثني على من قدم لك معروفًا ولو كان صغيرًا من وجهة نظرك (مش محرز) هو شكل من أشكال الكلمة الطيبة .. وأن تعتذر لمن أخطأت بحقه ولو كان خطأً صغيرًا من وجهة نظرك (مش محرز) فهذه كلمة طيبة أيضًا .. وأن تتحين الفرصة وتمدح أحدهم فتذكر له ما يحمله من خصال حميدة وصفات جميلة ولو كانت متواضعة وبسيطة (مش محرزة) هي مثال آخر على الكلمة الطيبة .. هذه الكلمة الطيبة ترفع معنوياته وتفرح قلبه وتعزز ثقته بك وبنفسه وتقربك منه أكثر .. وهذا لا شك (محرز) ..
فلا تقلل من شأن الكلمة الطيبة ولا تستهزئ بها .. فكلنا بحاجة لسماعها .. ولتأكل ثمارها وتتذوق حلاوتها أنت ومن ترسلها له .. عليك الاعتناء بطريقة عرضها .. فهي تعني الكثير لمتلقيها .. لذا جرب أن تستخدم هذه الوصفة: اخرجها من قلب الامتنان .. وامزجها بقليل من همس الاكرام .. ورشة من ملح المحبة .. وزينها بورق المودة .. ثم قدمها على طبق من الاحترام .. تفوح منه رائحة ابتسامة حنونة .. ثم راقب متلقيها وتابع يومه ..
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "ألمْ تَرَ كيفَ ضربَ اللهُ مثلًا كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلُهَا ثابتٌ وفَرعُهَا في السماء تُؤْتي أُكُلَهَا كلَّ حينٍ بإذنِ رَبِّها ..".




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :