تحصيل حاصل بقلم : سهير جرادات



كل أربع سنوات يتجرأ الزوج، فيخبر زوجته برغبته في دعوة أهله الى مأدبة طعام ، وفي كل مرة تغتنم الزوجة هذه الفرصة وتتخذها ذريعة للتطاول على بيت حماها ، و(تفش خلقها) فيهم ، وتبدي سخطها من الوضع الذي تعيشه مع زوجها ، وتجدها فرصة للتقدم بالطلبات والرغبات المتراكمة لديها منذ سنوات ، فيما الزوج مجبر على السكوت على كلامها وإهانتها ، والرضوخ لبعض مطالبها وتحقيقها .
رغم قناعة الزوجة بأن زوجها – كالعادة – قد دعا الأهل الى المأدبة، وحدد اليوم ، وأن موافقتها (تحصيل حاصل) ، لكنها تستغل الوضع لتخرج ما بقلبها تجاه حماتها وبنات حماها، والتطاول على السلفات ومعايرته بإخوانه ، وهي فرصة لها لتستد منه لتصرفات مقصودة أو غير مقصودة صدرت منه تجاه أبيها أو أخوتها ، ومعايرته بعدايله، وتتذمر من ضيق المنزل ، أو قِدم المطبخ ، ولا تنسى أن تلعن حظها بأن الجميع ينعمون بعيش كريم أفضل منها.
الزوج على قناعة بأن (المناورة الحية ) التي تقوم بها زوجته في كل مرة قبل حصوله على موافقتها هي محسومة النتيجة لصالحه ، وأن كل ما عليه أن يتسلح بالصبر، ويتجاهل الكلمات الجارحة التي تصدر منها بحق والدته وأخواته واخوانه وجميع الأهل والعائلة ، وأن يتحمل معايرتها له ، وأن يتضمن (رده ) الاعتراف بجميع اتهامات زوجته له على تصرفاته بحق أهلها ، وما عليه سوى الانتظار حتى تنهي استغلال الفرصة لتخرج ما في جعبتها من غضب تجاه أهله .
وبعد هذا السجال الطويل ، الذي قد يستمر أيامًا ، توافق الزوجة على الدعوة ، بعد أن تنتزع من الزوج الموافقة على القيام ببعض المهام المناطة به ، وتأخر بتنفيذها ،مثل تتبع ( خط ) النمل، و(سد) الطريق أمامه ، أو عمل ( روبة ) للتشققات ، أو فتح المصرف أو تصليح الحنفية ، أو إصلاح خط المجاري بين المطبخ والمنهل الخارجي ، وفي أحسن الأحوال أن يشتري لها طقم طناجر ، أما الفائدة الحقيقية التي تكون قد حققتها الزوجة فهي ( إخراج ما في جعبتها ) تجاه بيت حماها واسلافها وبنات حماها ، لتكون مادة كلامية للمفاخرة أمام أهلها وصديقاتها بأنها جريئة ، وقادرة على المواجهة ودون خوف من زوجها!!..
إن ما يجري من مناوشات بين الزوجين ، يشبه حال جلسات مناقشة البيان الوزاري الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب سعيا لنيلها الثقة ، إذ إن ما دار خلال الجلسات الصباحية والمسائية على مدار سبعة أيام ، وما تخللها من كلمات تشير إلى التطاول على الحكومة، أو التقدم صراحة بمطالب مناطقية لا علاقة لها بالدور الأساس للمجلس التشريعي ،هي مجرد كلمات لا تقدم ولا تؤخر ، لأن النتيجة معروفة مسبقا وقبل البدء بماراثون الكلمات، وحتى النسب متفق عليها سلفا ، من حيث المنح أو الحجب والامتناع ، وكل الفائدة التي تتحقق من هذه الكلمات النارية أنها استعراضات خطابية؛ يُراد منها إرضاء قواعد النواب الانتخابية ، كون الثقة ( تحصيل حاصل )!!!..
jaradat63@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :