وهن الاداء الحكومي .. اسبابه ونتائجه


الكاتب : م. وائل سامي السماعين

منذ عشرات السنين ونحن نسمع عن اعادة هيكلة القطاع العام ومؤسساته ومن حين لأخر يجتمع مجلس الوزراء ليقر مخرجات اعادة الهيكلة ,وهناك بعض الوزرات او المؤسسات اصبح لها وحدات متخصصة للتطوير المؤسسي وتقييم الاداء ,لا بل اصبح هناك جائزة يطلق عليها جائزة الملك عبدالله لتميز الأداء الحكومي والشفافية, وبرغم كل ذلك ما زال اداء بعض القطاعات الحكومية وخصوصا الخدماتية والرقابية غير مرضيا. ليس لدي ادنى شك في ان جلالة الملك عبدالله الثاني يريد ان تكون مؤسسات ودوائر حكومته متميزة في خدمة شعبه, ويحاول جاهدا ان يوجه الجميع بهذا الاتجاه ,ولكن التوجيهات لا تكفي, ان لم تكن مقرونة بنتائج ايجابية على الارض .

فالعقبات والتحديات كثيرة ومتنوعة, بعضها شح في الموارد المالية او الكفاءات , والاخر تشريعي او تنظيمي , فبعضا منها لم يطرأ عليها تحديث منذ زمن العثمانيين , اضف الى هذا كله, وما يزيد الطين بلة, تلك القرارات الارتجالية والتعسفية التي تصدر من بعض الوزرات من حين لأخر, ومنها على سبيل المثال لا الحصر , اغراق الاسواق المحلية ببضائع مستوردة على حساب المنتج او الصناعة المحلية نتيجة لغياب ثقافة الانتماء الوطني او لعدم الادراك الشمولي لنتائج القرارات التي تتخذ, او قد يكون هناك تغليب للمصالح الشخصية على الصالح العام , فالأردن اولا, لم يعد الشعار الاوحد في بعض المؤسسات او الشركات الاردنية او حتى الاعلامية منها , فتغليب الاخر وتلميعه على حساب الاردني , اصبح واضحا للعيان ,وهذا يتضح في رد بعض المسؤولين عندما طلب منه ان يعمل على وقف تهريب زيت الزيتون السوري للأسواق الاردنية فكان رده " اتريدني ان اضع جيشا على الحدود لوقف التهريب " .

ولكن اذا اعتمدنا ,على ان النيات صافية للأغلبية من المجتمع الاردني والتي ليس لديها مصالح ذاتية , وترغب فعلا لا قولا في ان ترتقي مؤسسات الدولة بخدماتها لتضاهي الدول المتقدمة, اذن اين تقع المشكلة وما هو الحل.

المشكلة الحقيقية بدأت منذ عشرات السنين ,عندما قام البعض من الذين مارسوا بالتجربة ادارة الحكم في الاردن لسنيين طويلة, بإسداء النصح لصاحب القرار بخلق ما يسمى بالوحدات او المؤسسات المستقلة , التي من خلالها يمكن القضاء على الترهل الاداري للحكومة كما وصفوه , بينما كان الصواب في تلك الفترة العمل بشكل جدي على ادخال التكنولوجيا في قطاع الخدمات كما فعلت الحكومات الغربية في حينها. على اية حال, كانت النتيجة , خلق ما يقدر بحوالي 60 مؤسسة مستقلة ادارية ومالية عن الحكومة الاردنية , وحظي موظفين هذه الوحدات المستقلة الذي يقدر عددهم بحوالي 12,500 برواتب و مزايا خاصة فاقت بكثير مزايا نظرائهم في القطاع الحكومي , لان هذه الوحدات المستقلة لا تخضع لأنظمة وقوانين واحكام ديوان الخدمة المدنية .

وكان نتيجة ذلك , خلق طبقية بين المؤسسات الحكومية حتى وصل الامر الى ان وزارات الحكومة الاردنية لا تتمكن من توظيف أي شخص عن طريق ما يسمى بالعقود الشاملة او غيرها , حتى ولو كان مؤهلا وكفؤا , لان راتبه قد يثير حساسية في الرأي العام , مما ادى الى حرمان الحكومة الاردنية من الكفاءات وتدهور في الخدمات , واكبر دليل على ذلك ما تعانيه وزارة الصحة من نقص شديد في اطباء الاختصاص بسبب تدني الرواتب .

لا يمكننا ان ننكر ان بعض المؤسسات او الوحدات المستقلة , كان لها نتائج ايجابية وملموسة في حياة المواطن الاردني وفي خدمة الصالح العام ,منها على سبيل المثال لا الحصر مؤسسة الغذاء والدواء وهيئة مكافحة الفساد , لكن هناك مجموعة منها, يجب ان يتم اعادة النظر في وجودها او في استقلاليتها الادارية او المالية لان نتائج عملها غير ملموسة على الارض, فبعضا من هذه الوحدات المستقلة يتركز عملها في رسم السياسات والخطط الاستراتيجية ,ويقول القائمين عليها بان هذه الخطط والاستراتيجيات بحاجة الى سنيين عديدة قد تصل الى 15 سنة او اكثر, لتكون نتائجها ملموسة على ارض الواقع , وهذا امرا غير مقبول .ومن ناحية اخرى فلابد ان يكون هناك تحديد للفترة الزمنية لخدمة كل من يرأس تلك الوحدات المستقلة , واقترح ان تكون اقصاها 3 سنوات . وبمسار محاذي فالوقت قد حان لان نركز اهتمامنا على القطاع الحكومي الخدماتي ونرفده بالكفاءات لان ذلك يعتبر جزء اساسي في عملية التنمية الاقتصادية , فهل لدى حكومة الرزاز القدرة على تحقيق ذلك او حتى البدء بتنفيذ خطة شمولية من هذا النوع ؟

المهندس وائل سامي السماعين




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :